???? زائر
| موضوع: البطة القبيحة 2009-02-27, 14:05 | |
| البطة القبيحة يروى أن بطة قبيحة كانت تعيش ضمن سرب حول ضفة أحد الأنهار في غابة جميلة , كانت تصرفاتها غريبة بعض الشيء فهي دائماً كانت تتحدث عن الجمال وفق منظورها الخاص . دائما ً تدّعي الجمال وهي لا تعرف مقدار ما تحمله من قبح لأنها لم تجرّب مرّة أن تقف أمام ماء النهر لتعكس لها الحقيقة وترى بأم عينها ما يجب أن تراه . والحقيقة يجب أن تقال أن ماء النهر لم تكن بالدرجة الكافية لتعكس لها صورة نقية . فدائما الصورة مجتزأة بفضل ما كان يجرفه النهر بطريقه من وحول وأتربة وهذا ما أدى بدوره إلى حجب الصورة الحقيقية عن بطّتنا القبيحة . قررت ذات يوم أن تلعب دوراً محورياً في حياتها فدعت رفيقاتها في القطيع إلى سماع محاضرة في الجمال فما كان من رفيقات القطيع إلا بقبول الدعوة ليس للاستفادة مما ستقوله هذه البطة ولكن لسماع جديدها في الهزل . فهم على دراية بالتفاصيل الدقيقة لنشأتها وما تعرضت له في صغرها ما أثر على سلوكها وأقوالها ولكنّهم أرادوا وضع حدّ لها فما كان عليهم سوى قبول الدعوة . فماذا حدث ؟ اجتمعت حسناوات القطيع وأخذت بطتنا القبيحة تخطب فيهم محاضرة عن الجمال وما هي مقوماته وكيف تصبحين جميلة بأقصر الطرق وأسهلها . عندها ارتفع صوت الهمس ثم بدأ الصوت يعلو بشيء من القهقهة . التفتت البطة إلى زميلاتها وراحت تخاطبهن بلوم وتقريع على أسلوبهن الاستهزائي بعد أن أصابتها موجة الهستريا التي تعودوا أن يروها ملازمة لها عندما تجد أن طرحها لا يلاقي القبول ثم أخذت تفرغ ما في جوفها من قبح أفظع والذي عادة لا يظهر إلا في هذه المواقف . لم تقدم أي بطة من القطيع على إيذاء البطة القبيحة لأنهم بالدرجة الأولى كانوا يعلمون كيف ستتصرف إذا ما قابلها الآخرون بحقيقتها , ثم إن قصتها في رحلة طيرانها الأول عندما كان السرب يطير فوق منطقة جبلية في طريق البحث عن منطقة فيها دفء وكلأ صارت في متناول مسمع الجميع ولا يوجد أحد في القطيع لم يعلم بها , وذلك عندما أطلق صياد من بندقية صيده عيارا نارياً لم يصبها بمقتل إلا أن /خردقة / استقرت في رأسها , فسببت لها عاهة مستديمة أثرت على تصرفاتها . تقدّمت إحدى صديقاتها إليها وتكلّمت معها بصوت منخفض : ليتك تكلمت بأي موضوع آخر غير هذا الموضوع . اعلمي يا عزيزتي أنه عليك أن تتمتعي بمصداقية الحديث والموضوع الذي تطرحينه . طيّب أنا أسألك ماذا فعلتِ حتى تكسبي ثقة الآخرين في موضوعك ؟ ليتكِ كنت مهتمة برشاقتك ولم تهملي جسدك حتى يترهّل . هل ذهبتِ إلى ماء الجدول الصافي على الأقل منذ ثلاثة أشهر لتزيلي عنك عفونة أدرانك ؟ صدقيني إنني أقول لك ذلك لأنني أحبّكِ وأريد مصلحتك ولا أنوي إيذاء مشاعرك ولكن حرصي عليكِ دفعني أن أبوح لكِ بكلامي هذا والذي كما أعتقد أنه لن يسعدك . وكما هو متوقّع من بطّتنا القبيحة كانت ردة فعلها بموجة من الهيستريا جَعَلَتْها تفقد السيطرة على أعصابها وتردّ على موقف صديقتها الرزين بموقف جنوني دفع بها إلى طرح صديقتها الرزينة أرضا وركلها بكلتا رجليها وتهرب بعيدا عن المدعوّين لمحاضرتها . ذهبت البطة القبيحة إلى النبع القريب ولأول مرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر وكانت صفحة الماء صافية تعكس خضرة الأشجار وضوء الشمس الجميل , واقتربت من صفحة الماء بخوف وحذر شديدين . ليس خوفا من أن تنزلق قدمها على حين غرّة . بل كانت تخاف المواجهة بالحقيقة المرّة ,تلك الحقيقة التي أنكرتها وكانت تحاول باستمرار نكرانها . حقيقة جمالها الذي كان باستمرار هاجسها الأول وأن جمالها خطّ أحمر يجب ألا يقابل إلا بالاستحسان . تقدّمت خطوة أخرى ومدّت عُنُقِها نحو صفحة الماء لترى ما كانت تحاول تجاهله منذ زمن . فرأت وجهاً قبيحا لم تتوقّع أن تراه يوماً .رأت عينان أصابهما المرض , ووجهاً مترهّلاً خطّ الزمان عليه سطوراً من التعاسة , وريش باهت تعفّر بقذارة الأدغال . فما كان منها إلا أن استشاطت غيظاً وغضباّ وبدلاً من أن تسمع من كلام صديقتها وتهتمّ أكثر بحسن منظرها وتغتسل بماء النبع الصافي , وتزيل عنها أدرانها تراجعت خطوة إلى الوراء وأدارت ظهرها لأصدقائها , وأطلقت العنان لأجنحتها نحو مكان مجهول |
|